خلاصة الدراسات لنتائج الانتخابات البلدية، اجمعت على تراجع المجتمع المدني و “التغييريين” في كل المناطق والطوائف الا عند الدروز، حيث حافظ المجتمع المدني و “التغييريون” على حضورهم، وحققوا تقدما في راشيا وعالية والشوف رغم فارق الامكانات. علما ان مرشحي المجتمع المدني نالوا اعلى نسبة من الأصوات بين الشباب الدرزي في الانتخابات النيابية الماضية، وتمكن النائب مارك ضو من هزيمة الرمز الدرزي التاريخي طلال ارسلان. واللافت ان جنبلاط وارسلان و “القومي” وقسمًا من “الشيوعيين” تحالفوا في القرى الدرزية الصافية ضد “التغييريين”، وتوسع هذا الحلف لينضم اليه جعجع وباسيل في القرى المسيحية الدرزية المشتركة في الجبل، وكان الهدف رأس “التغييريين” وهزيمتهم.
وتقول مصادر متابعة انه لا يمكن تفسير التحالف بين “القوات” و “القوميين”، الا من منظار هزيمة المجتمع المدني، ورغم ذلك، أظهرت النتائج تقدما للمجتمع المدني في معظم القرى الدرزية الصافية، فيما أدى الصوت المسيحي في القرى الجبلية المشتركة دورا اساسيا “عجيبا غريبا”.
وحسب مصادر درزية متابعة، شكلت نتائج الانتخابات البلدية صدمة للقوى السياسية الدرزية، وبدأت الاستعدادات للانتخابات النيابية بشكل جدي بالتزامن مع أخطر مرحلة يعيشها الدروز. والانقسام اليوم ليس جنبلاطيا – ارسلانيا كما كان عبر التاريخ، وليس قيسيا – يمنيا كما حصل في معركة عين دارة، بل بين وليد جنبلاط والشيخ موفق طريف، اي بين من هم مع عروبة الدروز وتاريخهم، ومن هم مع تيار الشيخ موفق طريف الذي يشق طريقه متسلحا بالتطورات الاخيرة التي هزت لبنان، وادت الى موازين قوى جديدة ليست لمصلحة المعادين ، وجاءت ممارسات احمد الشرع لتعزز منطق الشيخ موفق ظريف.
وتتابع المصادر الدرزية، يعيش الدروز اليوم أخطر مرحلة في تاريخهم منذ نزولهم على الشواطئ دفاعا عن الثغور العربية والاسلامية، ولم تنجح حتى الآن كل المحاولات لرأب الصراع بين الشرع والدروز في سورية، حيث تحصل حوادث قتل يومية. كما ان الاجتماع الاخير بين الشرع ووفد جبل الدروز لم يكن وديا، وغاب عنه الشيخين جربوع والحناوي.
لكن المصادر الدرزية تؤكد ايضا، ان المواجهة تحتاج لخطة عمل جديدة، وبرنامج تطويري يحاكي الحاضر والمستقبل وهموم الشباب، ويدفع بكل القطاعات والنخب الى الانخراط في مشروع حماية الدروز، التي تبدأ اولا بمعالجة الاحباط عند الشباب، والنقمة الواسعة على الاوضاع، وجعل الكفاءة معيارا واحدا للوظيفة والمراكز العليا والصغرى، بدلا من إنزال الاسماء بالفرض والوحي، كما تمارس في العهد الحالي. فالتعيينات كلها جنبلاطية ومن لون واحد، ومسارها ومصيرها المختارة، من رئاسة الاركان الى الشرطة القضائية الى مجلس الانماء والاعمار، الى مصرف لبنان الى الوزارات والى كل الدولة وأصغر موظف. هذه الطريقة معتمدة من الآباء الى الابناء، في منطق معاكس للتاريخ ودورة الحياة، وما يلفح العالم اليوم رغم تغليفها بالشعارات الديموقراطية والانسانية التي لا تترجم على الأرض، اضافة الى مؤسسات دينية من لون واحد، ومجلس مذهبي لم يقدم اي مشروع استثماري.
والانكى، تضيف المصادر الدرزية، ان معيار الوظيفة لعامة الناس ليس له مدخل الا “الواحد الاوحد”، مع “فتافيت” للأمير طلال ارسلان يديرها ايضا بالطريقة الجنبلاطية. حتى التحالف النيابي بين الابنين تيمور ومجيد الذي يحكى عنه، لن يغير الواقع الدرزي شيئا. وانتظر البعض التغيير من القيادات الجديدة، فترحموا على الاقطاع القديم.
وتؤكد المصادر “ان هذا المنطق لا يحمي الدروز مطلقا، وهو الذي جعل الشيخ موفق طريف يتقدم الصفوف الدينية والشبابية، محاولا اخذهم ّ الى اماكن تعارض تاريخهم وتوجهاتهم”، وتشدد المصادر على ان الديموقراطية الحقيقية وحدها تحمي الدروز، وليس المغلفة والمجملة احيانا بدراسات وقراءات ونظريات اين منها نظريات سقراط وافلاطون وارسطو، لكنها لا تمارس على ارض الواقع. كما ان الحماية تأتي ايضا من خلال فتح باب النقاشات والندوات الموسعة
وتؤكد المصادر الدرزية، ان قوة المجتمع المدني في الدروز امر بحاجة إلى دراسة ومتابعة هذه الظاهرة، ولا يمكن قياس الخدمات الجنبلاطية الارسلانية الواسعة في مختلف المجالات بخدمات المجتمع المدني، ورغم ذلك يعزز حضوره ويستعد للانتخابات النيابية. فاذا اعتمد القانون الحالي القائم على الصوت التفضيلي وتصويت المغتربين ليس لكتلة من 6 نواب، فان المجتمع المدني سيصيب التحالف الجنبلاطي – الارسلاني بشظايا كبيرة، رغم ان وليد جنبلاط وطلال ارسلان ووئام وهاب حسموا أمورهم بتسليم الأمانة، وانتقال الوراثة الى تيمور ومجيد وهادي. مقتبس من الديار.