00963-942-374376 WhatsApp

نساء يتصدّرن المجالس البلدية والدروز يغيّرون الصورة النمطية للمرأة

أظهرت نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة في لبنان تقدماً ملموساً في تمثيل النساء داخل المجالس البلدية، في مشهد يعكس تحوّلاً اجتماعياً وسياسياً متصاعداً مع تسجيل بلدات عدة نسب فوز نسائية غير مسبوق. وقد سبق وكتبت “المدن” عن تزايد مشاركة النساء ترشيحاً وفوزاً وفي ترؤس البلديات. بيد أن الملفت في الانتخابات الأخيرة ليس الفوز العددي المتصاعد للنساء، الذي بقي هامشياً في غالبية البلديات، بل في ارتفاع حضور النساء داخل العديد من المجالس البلدية وبنسب معتبرة جداً.

تغير الصورة النمطية
تصدّرت بلدة الحمصية في قضاء جزين سائر البلدات لناحية نسبة التمثيل النسائي في المجلس البلدي، التي وصلت إلى 6 من أصل 9 أعضاء، أي ما يعادل 66.6 بالمئة. بيد أن الملفت كان التغيّر الجذري في الصورة النمطية للمرأة الدرزية، التي عانت من إقصاء شديد عن الشأن البلدي طوال السنوات السابقة. وقد برزت بلدة الكفير في قضاء حاصبيا مع انتخاب 4 نساء من أصل 12 عضواً للمجلس البلدي بنسبة 33.3 بالمئة.
نائبة رئيس بلدية الحمصية جوزفين سلّوم أكدت لـ “المدن”، أن “وصول 6 من أصل 9 أعضاء إلى عضوية المجلس، يُعد قوة حقيقية لبلدتنا. ويعود ذلك إلى وعي أهل البلدة بأهمية دور المرأة في الشأن العام. فالرجل يتميز غالباً بالنظرة الكليّة، أما نحن النساء فنركّز على التفاصيل الدقيقة، وهذا التلاقي في الرؤيتين يعزز كفاءة المجلس”.
أما عضوة المجلس البلدي في الكفير ريم الدمشقي فلفتت إلى أن “ارتفاع نسبة النساء في الانتخابات الأخيرة دليل حضارة مقارنة بالانتخابات السابقة”. وقالت: “لقد استطعنا بتواصلنا مع أهل البلدة أن نغيّر الصورة النمطية حول المرأة. تبدلت مواقف الشريحة الرافضة لوجودنا في المجلس، وهو ما ظهر في أقلام الاقتراع. وتبيّن لنا أن نسبة قليلة أقدمت على تشطيب أسماء النساء خلال الاقتراع”.
التمثيل النسائي في منطقة حاصبيا كان لافتاً. ففي بلدة كوكبا بلغ عدد النساء 4 من أصل 12عضواً أي بنسبة 33.3 بالمئة. وبلغ عدد الإجمالي للنساء الفائزات في قضاء حاصبيا 28 من أصل 207 أي ما يعادل 13.5 بالمئة، وفي قضاء راشيا 21 من أصل 290 ما يعادل 7.2 بالمئة.

تعبيد طريق السيدات للمستقبل
الجنوب في صدارة لبنان لناحية ارتفاع الكوتا النسائية داخل المجالس البلدية. ففي قضاء مرجعيون في محافظة النبطية، حصدت بلدة دير ميماس على أعلى نسبة تمثيل نسائي مع 7 نساء من أصل 15 عضواً أي 46.6 بالمئة. كما أن أغلب بلدات محافظتي الجنوب والنبطية، تراوح عدد النساء في عضوية المجلس البلدي بين 1 و3. وفي حديث لـ”المدن”، أكدت عضوة المجلس البلدي في دير ميماس تانيا برنابه أن “هذه النسبة تُعد الأعلى مقارنة بالانتخابات السابقة، وجاءت من دون تخطيط مسبق، بل بدعم مباشر من أبناء البلدة”. وأضافت، “من المعروف أن المرأة التي تتمتع بحسن إدارة تساهم في إنجاح أي مشروع تنخرط فيه، ومن هذا المنطلق لمس الأهالي فينا الكفاءة، وصوّتوا لنا جميعاً”.

في بلدتي البابلية والزرارية، بلغ عدد النساء 3 من أصل 15 عضواً في كل منهما، أي بنسبة 20 بالمئة. وتقول نور رضا، أصغر أعضاء المجلس البلدي في البابلية، إن “أول وأهم إنجاز حصدته البلدة هو فوز 3 نساء بعضوية المجلس، ويُعتبر هذا العدد بمثابة طريق مفتوح أمام نساء أخريات للترشح وزيادة التمثيل النسائي مستقبلاً”.
من جهتها، تشير بتول محي الدين، من عضوية مجلس بلدية الزرارية، إلى أن “لأول مرّة تحصل الزرارية على هذا العدد من النساء في مجلسها، خصوصاً من فئات عمرية شابة، وقد حصدنا نحن النساء الدعم والتشجيع للعضوية”.

من جبل لبنان إلى عكار
في محافظة جبل لبنان، وتحديداً إلى قضاء جبيل، شكّلت بلدة المنصف نموذجاً متقدّماً. فبعدما كان عدد النساء في انتخابات 2010 و2016 لا يتجاوز سيدتين، وصل عدد النساء حالياً إلى 4 من أصل 9 أعضاء المجلس البلدي، أي بنسبة 44.4 بالمئة. واعتبرت نائبة رئيس البلدية ليال فتوح أن ما حصل هو “مفارقة جديدة في بلدتنا. وساهم في تحقيقها غياب التمييز بين الجنسين، ما أدى إلى تولينا المناصب بالتزكية”.
أما محافظة الشمال، فقد برزت بلدة عندقت في عكار، بنسبة مرتفعة للتمثيل النسائي وصلت إلى 40 بالمئة مع فوز 6 نساء من أصل 15 عضواً للمجلس البلدي. ففي هذه الانتخابات، كثيراً ما تكررت عبارة “لأول مرّة”، ما يدل على قفزة نوعية في مشاركة النساء بالشأن العام. ويشكّل هذا الحضور رسالة جماعية من الفائزات لتشجيع النساء على الترشح، وتأكيد أن المرأة تمثّل قيمة مضافة وركيزة أساسية في بناء المجتمع.
وأكدت عضوة مجلس بلدية عندقت، سمر فضّول أن “ما تحقق يُعد سابقة من نوعها، تعكس ارتفاع مستوى تقبّل الرأي العام لتولي المرأة مناصب قيادية. ودعم رئيس البلدية الحالي ساعدنا كثيراً”. وأضافت أن “المرحلة المقبلة ستشهد تشكيل لجنة تُعنى بشؤون المرأة إلى جانب المهام البلدية، بما يعزز حضور النساء في الشأن العام المحلي”.